Top Ad unit 728 × 90

الأرمن في سوريا



                                         

الأرمن في سوريا


لمحة تاريخية:
الشعب الأرمني هو من الشعوب الهندوأوروبية, نشأ من القبائل المستوطنة في آسيا الصغرى والمنتشرة حول بحيرة فان, وقد بدأت هذه التجمعات القبلية تتحول إلى تجمع اجتماعي سياسي, عُرف باسم مملكة أورارتو وهو أولى الممالك في تاريخ الشعب الأرمني, وقد ظهرت في القرن التاسع ق.م، أما في القرنين السابع والسادس ق.م بدأت تظهر على النقوش كلمة "أرمينية" وبدت سمات تميز الشعب الأرمني منها: القامة المتوسطة القريبة من القصر, واستطالة الوجه, والشعر الأسود, والشفتان الممتلئتان, والبشرة السمراء, كما تميز هذا الشعب بصفات نفسية أهمها: النشاط والحيوية والقدرة على العمل والإنجاز.

لم يتمتع الأرمن منذ القديم بالمنعة والسيطرة، اكتسح بلادهم البابليون والآشوريون والميديون ثم الفرس, وكان الفرس يختارون حكَّام البلاد من الأرمن غالباً, وتعهدوا بدفع الجزية لقاء احتفاظهم باستقلالهم الإداري, ثم غدت أرمينية مقاطعة تابعة لفارس في عهد الملك الفارسي قورش, وبعد أن ساعد الأرمن الفرس في إسقاط الدولة الليدية استطاع ديكران بن يروانت أن يجعل أرمينية مقاطعة مستقلة إلا أن الملك الفارسي داريوس قضى على المحاولات الاستقلالية.

وبعد غزو الاسكندر المقدوني غدت أرمينية مملكة مستقلة تحت حكم الاسكندر نفسه, الذي عيّن حليفه الأرمني مهران على العرش, وهو من أسرة يروانت, وبعد الاسكندر تولى السلوقيون حكم البلاد وقسمت أرمينية قسمين: أرمينية الكبرى وأرمينية الصغرى التي دعيت فيما بعد كلكيليا إضافة إلى مملكتين صغيرتين هما: صوفين وكوماجيني، عيّن أنطوخيوس السلوقي ارداشيس الأول حاكماً على أرمينية الكبرى, وعين " زاره" على أرمينية الصغرى, وبعد موت أنطوخيوس استقل الملكان الأرمنيان عن السلوقيين, ثم ضم ارداشيس إلى حكمه أرمينية الصغرى بعد موت زاره وأسس مملكة دامت قرابة قرنين من الزمن, ومن أشهر ملوكها ديكران الثاني الكبير ( 94- 55 ق.م ).

ومنذ السنة الميلادية الأولى غدت أرمينية كالكرة يتقاذفها الفرس والرومان, يكتسح بلادهم الفرس فيُحالفون روما, ويُحاربهم الرومان فيلجؤون إلى الفرس. أما حكَّامهم فكانوا إما من الفرس أو الرومان وقد اتَّفق الطرفان المتقاتلان الفرس والرومان في عهد نيرون على إنهاء الحرب بينهما وتنصيب ملك لأرمينية هو أخو ملك فارس, درطاد الأول الفارسي.

وفي سنة 387م اتفق الرومان والفرس على تقسيم أرمينية إلى إقليمين أُلحق أحدهما بالدولة البيزنطية, وأُلحق الثاني, وهو الأكبر بالدولة الساسانية. ومنذ سنة 429م عادت أرمينية التي أُلحقت بالدولة الساسانية مقاطعة فارسية وبقيت كذلك حتَّى سنة 634م. اختلفت أحوال الأرمن التابعين للفرس عن التابعين لبيزنطة التي عملت على وضع المنطقة تحت إشرافها إشرافاً تاماً, ومعاملة الأرمن كالمواطنين البيزنطيين.

الأرمن والعرب:
في عهد عمر بن الخطاب توجَّهت أوَّل حملة عربية إلى سهول الجزيرة والأراضي الأرمنية حتَّى وصلت إلى بحيرة فان, وفي عهد عثمان عقدت معاهدة صلح بين العرب والأرمن في سنة 24ه,645م على أن تعفى الدولة الأرمنية من الجزية ثلاث سنوات, ثم يفرض عليها بعد ذلك تعبئة 1500 فارس لمساعدة العرب في حروبهم، وفي عهد الأمويين امتدت الفتوحات العربية فشملت أرمينية كلها, وذكر المؤرخ الأرمني ثيودور رشدوني أنَّه في عهد معاوية كانت العلاقات طيبة بين العرب والأرمن وزار حاكم أرمينية غريغور ماميكونيان دمشق واستقبله الخليفة بالترحيب، وفي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز (717-720م) كانت العلاقات العربية-الأرمنية جيدة، ويشهد المؤرخ الأرمني كيراكوس كانتساكتسي أن الخليفة وجّه دعوة للكاثوليكوس الأرمني هوفهانيس الثالث أوتسنتسي (717-728م) فاستُقبِل استقبال الملوك ومنحه الخليفة حرية العبادة الدينية للأرمن في البلاد التي يحكمها العرب, فاكتسب الأرمن حق إقامة أديرة وكنائس في تلك البلاد.

في أيام الخلافة العباسية, وأثناء حكم الخليفة هارون الرشيد كانت العلاقات العربية- الأرمنية متينة جداً، فقد نصّب الخليفة سنة 806م الأمير الأرمني آشوط الرابع الباقرادوني حاكماً على أرمينيا وقد حكمها عشرين سنة.

تمتع الأرمن بمكانة مرموقة في عهد الخليفة المتوكل فقد كان في الجيش المشترك الذي يدعم عرش الخلافة عدد كبير من الفرسان الأرمن ومقاتليهم الأشداء, وكان الأمير آشوط الخامس الباقرادوني من المقربين إلى الخليفة, ومن النساء الأرمنيات اللواتي دخلن التاريخ العربي تُذكر قطر الندى, والدة الخليفة القائم بأمر الله, وزوجة الخليفة القادر، وقرّة العين أم الخليفة العباسي المقتدى, وست الملك, ابنة الوزير الأرمني بدر الدين الجمالي وزوجة الخليفة الفاطمي المستعلي, ويعتبر العهد الفاطمي من أهم العهود التاريخية حيث عاشت الجالية الأرمنية في مصر عصرها الذهبي في كنف الدولة الفاطمية وكان يقدر عدد الأرمن آنذاك حوالي 30.000 أرمني. وأورد المؤرخ الأرمني ماتيوس أورهايتسي أن كثير من الأرمن من أرمينيا وكيليكيا توجهوا إلى مصر طلباً للرخاء والربح المادي في عهد الخليفة الفاطمي العزيز وأصبح عددهم 100.000 أرمني.

الأرمن في سوريا:
علاقة الأرمن مع سوريا علاقة قديمة جداً تعود إلى قرون قبل الميلاد, ففي عام 539م حدثت الهجرة الأولى للأرمن إلى سوريا إثر هزيمة بيزنطة أمام الفرس الذين سمحوا لهؤلاء أن يقطنوا أنطاكية وأورفة وغيرها. وبين أعوام 717-728م جرت الهجرة الثانية، ويقول عنها المؤرخ السرياني مار صليبي (المتوفى عام 1171) أنَّه حدثت منذ 450 سنة هجرة الأرمن إلى سوريا عندما استولى الفرس على بلادهم. وكان ذلك في زمن بطريرك الأرمن أوهانيس الفيلسوف, والبطريرك السرياني في سوريا أناناس الثالث، حيث اتفق البطريركيان على إرسال ثلاثة مطارنة أرمن ليرعوا الأرمن المهاجرين, وفي الأعوام 937-992 وقعت الهجرة الأرمنية الثالثة: حدثت في زمن البطريرك خاتشيك الأول آرشاروني واتجه الأرمن نحو سوريا بأعداد كبيرة, واستقروا في آرامو واليعقوبية واللاذقية وكسب والسويدية.

أما الهجرة الكبرى إلى سوريا فكانت خلال الحرب العالمية الأولى, وبالتحديد عقب عمليات الإبادة في 24 نيسان 1915, حيث وصلت القوافل الأرمنية إلى حلب أولاً, ومنها إلى دمشق, ثم انتشرت إلى مناطق الحسكة والقامشلي. وفي حمص وحماه واللاذقية.

ونظراً لقرب حلب من الحدود التركية, واستقبال هذه المدينة للأرمن القادمين, فقد أصبح عدد الأرمن القاطنين فيها يشكلون نسبة 75% من الأرمن في سوريا. أبدع الأرمن في الصناعة, حيث وجد منذ ستينيات القرن الماضي معمل النسيج لصاحبه (كارغيان بارصوميان) بالإضافة إلى 150 مصنعاً أخر للنسيج الآلي, كما أبدعوا في الميكانيك وصناعة هياكل السيارات, والحديد, وإصلاح الآلات الزراعية, وصنع العدسات الطبية والنظارات, وفي الطبابة والمحاماة والتجارة وساهموا في النشاط الاقتصادي لسوريا.ويذكر أن للأرمن صحف ومجلات خاصة بهم, كما لهم مدارس وجمعيات خيرية ونوادي رياضية وأديرة وكنائس ومؤسسات صحية منتشرة في أنحاء سوريا.

العادات والتقاليد:
في الزواج: يذهب الرجل إلى الكنيسة قبل المرأة التي تأتي بعده, ويقف الاثنان أما رجل الدين فتشتبك يدهما ومعها الاشبين فقط, فيسأل رجل الدين العروس: هل ترضين بأن يكون لكما عائلة فترد بالإيجاب, ثم يسأل الزوج هل أنت موافق على تشكيل عائلة فيرد بالإيجاب أيضاً وبعد ذلك يقربهما الخوري من المذبح ويقوم بالصلاة للمرة الثانية, يقدم الخوري كأس نبيذ ويقرأ عليها ثم يقدمها للعريس أولاً ثم للعروس ثم لوالد العريس ثم بقية الموجودين, ثم يتم تبادل الخواتم من اليد اليمنى إلى اليسرى.

في الولادة: وفق التعاليم المسيحية يجب أن تتم العمادة بين اليوم السابع للولادة وبين اليوم الأربعين لها. وبوجود اشبين يكون وكيلاً عن الأب والأم. يسأل الخوري الاشبين ماذا يريد المولود؟ فيجيب يريد الإيمان والحب لله والجميع والمعمودية, ويسأل الخوري: ماذا تريد أن تسميه؟ فيقول الاسم, ثم يأخذ الخوري المولود ويعمّده في وعاء يشبه الجرن ثم يعيده إلى الاشبين, ويغمس إصبعه بزيت الزيتون ثم يقول: باسم الأب والابن وروح القدس, ويمسح جسم المولود, ثم يأخذه ويركع به أمام المذبح ثلاث مرات ويعطيه للاشبين ويطعم الصغير قطعة صغيرة من الطحين المعجون بدون خميرة وهو (القربان).

أما اللباس الشعبي الأرمني: فيتألف لباس الرجل من قبعة قماشية مزركشة من الحرير الملون بالأحمر والأسود والأصفر كلباس للرأس وعلى الجسد يرتدي قميصاً طويلاً أبيض اللون وفوقه قميص آخر ملون وفوق القميص يرتدي صدرية ويرتدي أيضاً سروالاً طويلاً واسعاً ويتزنر بحزام قماشي أصفر اللون. لباس المرأة ترتدي المرأة على رأسها قلنسوة حمراء ملفوفة بمنديل أبيض يغطي القلنسوة والشعر ويبقى الوجه مكشوفاً, أما لباس الجسد فهو فستان طويل أحمر اللون وتحته سروال طويل كما تتزنر بحزام قماشي وتضع صدرية مزركشة ملونة.

الأعياد الأرمنية: الدينية: عيد الميلاد , عيد الصعود, عيد العذراء وعيد الصليب, وعيد التجلي. والوطنية: عيد الشهداء 24 نيسان, وعيد القديسيْن ساهاك وميسروب مخترعا الأبجدية الأرمنية.

شخصيات أرمنية سورية:

1- فريد أرسلانيان: نائب عن دمشق دورة 1947

2- لويس هندية: نائب عن حلب دورة 1947

3- الطبيب والأديب طوروس طورانيان من حلب ومن مؤلفاته: كتاب أطباء الأرمن. جورجيا والشعب الجورجي.

4- الكاتب والصحفي كيراكوس قيومجيان مواليد حلب 1946

5- الأديبة لوسي سلاحيان من حلب, من أعمالها: الدراجة الحمراء, قلوب حائرة¸ حبٌّ وحب.

6- المطربة لينا شماميان.

بقلم:شادي أبو حلاوة
الأرمن في سوريا Reviewed by Unknown on 11:49 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

All Rights Reserved by تجريب © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.