Top Ad unit 728 × 90

السريان


السريان

 تاريخ البشرية  سلسلة حلقاتٍ متواصلةٍ مترابطة،  يصنعها الإنسان بذاته، ولأن الأمة السريانيّة تُعد ممن أعطى العالم ثقافة شعوب الشرق ونشَر التراث اليوناني، من خلال الترجمات التي قام بها أدباء وعلماء ومفكرو السريان، بإجماع الكثير من علماء التّاريخ,
ولأنهم جزءٌ من نسيج مجتمعنا السوريّ علينا التعرف على السريان، أقدم الطوائف المسيحية.

كانوا يسمّون بالآراميين ، نسبةً إلى آرام الابن الخامس لسام بن نوح الجد الأعلى لجميع الشعوب الساميّة، ومصطلح السريان أطلقه المؤرخون اليونانيون على الآراميين، بعد أن تركوا عبادة الأوثان ، واعتنقوا الديانة المسيّحيّة في القرن الأول والثاني للميلاد . 
اختلفت  الآراء حول أصل تسمية "سريان"، لكنها اتفقت على أنّ تسمية "سريانܣܘܪ̈ܝܝܐ مشتقة منها تسمية "سوريا الجغرافية

 استقر الآراميون بدايةً في حرّان ، بعد انطلاقهم من  الصحراء السورية حوالي 2300 ق.م إلى أعالي ما بين النهرين، وأسسوا عدة ممالك مستقلة غير موحدة بين القرنيين 11-10
ق .م ، وقد دخلت تلك الممالك في صراعٍ مريرٍ مع الآشوريين وغيرهم من الشعوب المجاورة
 كالحيثييّن في شمال وداخل سورية والكنعانيين على الساحل السوري، والعبرانيين أيضاً,
  إلا أن الأشوريين هم الذين تمكّنوا في النهاية من القضاء على معظم النفوذ السياسي
 للآراميين سنة 710 ق .م،  لكنَّ النفوذ الثقافي والحضاري للآراميين ظلّ قوياً رغم  انتصار الآشوريين العسكري عليهم هناك وخصوصاً في الممالك التي بقيت قائمةً

 بيد الآراميين ولعبت دوراً كبيراً قبيل سقوطها في القرن الثاني والثالث بعد
الميلاد مثل مملكة الرها " تركيا"حالياً , مملكة تدمر "سوريا" , مملكة الحضر "العراق", ومملكة الأنباط "الأردن .".
إن ضعف الآراميين يكمن في أنَّهم لم يؤسسوا دولة موحدة كبيرة تحت قيادة ملك أو حاكم واحد قويّ، ولأن الممالك الآرامية مختلفة عن بعضها البعض في الحجم والقوة والسلطة والنفوذ، لذلك كان من السهل سقوطها بيد الغزاة والطامعين..
الانتشار:
في دول بلاد الشام (سورية،  لبنان، فلسطين والأردن) والعراق والهند انتشر الآراميون بشكلٍ أساسي،  بالإضافة إلى أعداد أقل في كل من إيران وتركيا, كما أدت هجرتهم منذ أواخر القرن إلى تزايد أعدادهم  في قارة أمريكا الشمالية وكذلك في أوروبا منذ السبعينات من القرن العشرين .
 لا تتوفر إحصائية دقيقة لأعداد السريان، لكن ثمة تقديرات تفيد بأن عددهم في الدول العربية (سورية ولبنان والعراق وفلسطين) يناهز الـ 250 ألف سريانياً، 60% منهم يتبعون المذهب الأرثوذكسي، و40% من الكاثوليك..

أما في سورية فيتواجدون بشكل ملحوظ في أقصى شمال شرق سوريا بمدينةالقامشلي وقراها ومدينتي حلب ودمشق,     

 ويشكلون حوالي ثلث مسيحييّ سورية ويتبع أغلبهم الكنيسة السريانية الأرثوذكسية كما أن هناك تواجد للكلدان والآشوريين وخاصة من الذين نزحوا من العراق، بالرغم من عدم وجود إحصائياتٍ رسميةٍ عن أعدادهم غير أن معظم المصادر تقدرهم بحوالي 700 ألف في المدن800ألف في القرى يضاف إليهم أكثر من  200ألف لاجيءٍ عراقي

 وبحسب المصادر المسيحية فإن السريان هم أول شعب وثني اعتنق المسيحية منذ السنوات الأولى لظهورها، وعندها تخلوا عن اسمهم القديم "الآراميين" لأنه كان يذكّرهم بوثنيتهم،.
وصارت اللغة الآرامية تعرف بـ "اللغة السريانية"، وما زال بعض سكان قرى سورية وشمال العراق يتحدثون هذه اللغة إلى اليوم..
نُسب السريان إلى يعقوب البرادعي، أحد أنشط دعاة النصرانية في أواسط القرن السادس الميلادي فأطلق البعض عليهم اسم "اليعاقبة" ولكن على الرغم من تعظيم السريان ليعقوب البرادعي واعتباره قدّيساً، والاعتراف بجهده في تثبيت دعائم عقيدتهم ، إلا أنهم يرفضون تسميتهم بهذا الاسم، لأنَّهم يعتبرون عقيدتهم أقدم من يعقوب، وأن انتسابهم إليه إنكار لعلاقتهم بمن سبقوه من الآباء والقديسين..
عُرفت كنيسة السريان باسم "الكنيسة السريانية الأرثوذكسية"، إلى أن اعتنق مجموعة من السريان الأرثوذكس المذهب الكاثوليكي بفعل التبشير ، وصاروا يتبعون بابا روما ، ومن هنا نشأت كنيسة جديدة، هي "كنيسة السريان الكاثوليك" أو "بطريركية أنطاكيا للسريان الكاثوليك ..
تُعتبر الثقافة الآشورية السريانية قريبةً إلى حدٍ ما من ثقافات شعوب الشرق الأوسط الأخرى، وخاصةً أن الأغلبية الساحقة تتبع المسيحية, فهم يحتفلون بالأعياد الدينية الكبرى، مثل عيد الميلاد وعيد الصعود وعيد الصليب وغيرها، والأعياد غير الدينية  كرأس السنة الآشورية البابلية في الأول من نيسان .
الموسيقى السريانية:
 تعود أصول الموسيقى السريانية الآشورية إلى تلك المنتشرة في بلاد ما بين النهرين قديماً، وقد استخدمت فيها عدة أدوات موسيقية أهمها القيثار والعود، واستعملت غالباً في المناسبات الاجتماعية والدينية.
(ما بقي حتى يومنا هذا من الموسيقى السريانية هي الموسيقى الكنسيّة التي تعود إلى القرن الرابع بعد الميلاد )، كما يوجد نوع آخر من الموسيقى غير الدينية المستعملة خلال المناسبات الاجتماعية, وتمتاز بالسرعة وغالباً ما ترافقها مجموعة راقصة, وتعرف هذه الرقصات الجماعية ب-"خكا" وهي قريبة من الدبكة المنتشرة في بعض الدول العربية.
ونلاحظ اليوم أن الكثير من الألحان الشعبية في الشرق كالزجل وغيره من الأغاني الشعبية هي ألحان سريانية بامتياز.
ملابس السريان التقليدية :
 حافظ سريان شمالي سورية والعراق على الزي التقليدي :
تشمل ملابس الرجل أنواع عديدة من الملابس المتباينة الأشكال والألوان كالغترة والعقال والعرقجين أو الفيس الرجالي: وهي عبارة عن (كلاو) قبعة تصنع من خيوط الصوف أو الحرير البيضاء أو السوداء يُرسم عليها نقوش معينــة, وتوضع على الرأس مباشرة، ثم توضع فوقها الغترة ثم العقال, وقد تستخدم لوحدها على الرأس خلال فصل الصيف، خاصةً في البيت وعند العمل بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.

الجمداني أو الجراوية أو اليشماغ: ويستخدم كغطاء للرأس, و يشبه الغترة تعتمر فوق الرأس في فصل الصيف, أما في فصل الشتاء البارد فغالباً ما يستخدم الرجل يشماغين أحدهما يدليه على الرأس والآخر يلفه فوق الأول وذلك لزيادة التدفئة .
الزبون: وهو عبارة عن قماش سميك نوعاً ما طويل وله أردان طويلة يلف الجسم, وله فتحة على طوله لسهولة خلعه وارتدائه, ويشد من وسط الجسم بواسطة (الحزام(
اضافة إلى الكركي والخاجية وهي عباءة خفيفة،  والكلاش، والدمير الذي يشبه السترة وفي فصل الشتاء يرتدي الرجل الفروة .
أما بالنسبة لأزياء المرأة السريانية تكون مؤلفة من عصابة الرأس و جلاب: وهي عبارة عن حلية مصنوعة إما من الذهب أو الفضة، حيث توضع على الجانب الأيمن من الوجه وبصورة طولية.

دوبارا: وهو على شكل قطعة من القماش بألوان عديدة على شكل شرائط صفراء وحمراء وسوداء وزرقاء وتشد على جبهة المرأة.

خاموك: عبارة عن قطعة مستطيلة الشكل من القماش الأسود أو الأحمر تعتمر فوق الرأس وتتدلى  من الأمام أسفل الوجه، وقد يلبس ماتسمى ( كشميريه )
 عزراني: وتشبه المسبحة، وهي من الحلي المكملة لزينة المرأة  يصنع من الذهب، وتوضع حول الوجه من اليسار واليمين على شكل دائرة.
هَبرية: وهي عبارة عن قطعة من القماش مربعة الشكل وملونة، ويكون اللون الأصفر والبرتقالي هو الغالب على ألوانها ولا ننسى الكمر والشال .
في النهاية مهما اختلفت الآراء حول السريان وتعددت التقييمات, فهم أصحاب هوية وصناع حضارة.
وخلاصة القول أتت في مؤتمر التراث السرياني التاسع على لسان البطريرك زكا الأول عواص:
((في سوريا لسنا مغتربين أو طارئين ... نحن في وطننا الأم والأزلي, حبنا له أخذناه في قلوبنا وضميرنا، لا ينازعنا أحداً عليه نعمل لعزته وتمتين وحدته، سورية وطن يتسع للجميع .... ))


بقلم:رامي الحسن

السريان Reviewed by 0 on 4:12 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

All Rights Reserved by تجريب © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.