السورييون والكفن الأبيض
السورييون والكفن الأبيض
"الأبيض" لم يعد لون السلام للسوريين وإنما أصبح لون "الكفن"، فعند قدوم العااصفة "زينة" سُجل عدد من الوفيات بين الأطفال والشيوخ والنساء نتيجة نقص وسائل التدفئة، واستبدالها بوسائل تقليدية تسببت بحرائق في بعض منازل دمشق.
وبدأت معاناة السوريين منذ بداية فصل الشتاء القارس هذا العام، فُقدت محروقات التدفئة كافة وارتفعت أسعارها إن وُجدت، حيث وصل سعر ليتر المازوت في السوق السوداء إلى 250 ليرة سورية، وسعر أسطوانة الغاز تجاوز 3000 ليرة وسط غياب أيّ نوع من الرقابة للأجهزة المختصة، مما زاد العبء على المواطن السوري، وبات يفكر بحلول بديلة وبدائية ولكن أقل تكلفة.
مازوت الحكومة ..
إذا أراد المواطن السوري أن يسجل على مادة المازوت بمراكز الدولة فستكون التكلفة كالتالي:
يباع المازوت في المراكز بسعر 80 ليرة لليتر الواحد، حيث يكلف البرميل 16 ألف ليرة بمعدل 200 ليتر لكل عائلة، كما حددته المراكز، ولكن 200 ليتر للعائلة الواحدة لا تكفي فصل شتاءٍ كامل خصوصاً خلال تساقط الثلوج المستمر وغير المسبوق في بعض المحافظات.
والجدير بالذكر هنا أن ليس كل من يسجل على مازوت الدولة يستطيع الحصول عليه بسهولة، فإما أن يكون من ذوي شهداء الجيش النظامي أو لديه صلة بالأمن، والدليل على ذلك وجود عائلات كثيرة سجلت منذ عامين ولم يصلها "نقطة مازوت" واحدة.
الغاز بـ 3000 ليرة
وعند تفكير السوريين بوسيلة التدفئة على الغاز، ارتفع سعر الأسطوانة ليصبح ما بين 2800 و3000 ليرة سورية، وإذا أرادت العائلة الواحدة تبديل أسطوانتي غاز شهرياً على الأقل سيكلفها 6000 ليرة مع صعوبة الحصول عليها.
وهذا كله دفع المواطن السوري محدود الدخل للتفكير بالبدائل من أجل الحصول على أي وسيلة للتدفئة، فبعضهم لجأ "للحطب" والبعض الآخر لجأ إلى مزج زيت "قلي" الفلافل المستخدم مع قليل من البنزين ووضعهم بالمدفئة بدلاً من المازوت.
ولكن هذه الابتكارات تسببت بنشوب حرائق في أكثر من منزل بدمشق أودى بحياة من فيهم.
دفء عاجل بسمٍ قاتل:
في المناطق الخاضعة لكل من داعش والمعارضة المسلحة تنتشر مصافي البترول البدائية، التي تقوم بفصل المازوت والبنزبن والماء فقط عن بعضهم، دون تصفية تلك المنتجات بشكل صحي للتدفئة في المنازل، وتبقى بعض المواد السامة الخفيفة في المازوت الذي يباع بسعر رخيص نسبياً، إذ يصل سعر البرميل إلى 14 ألف ليرة سورية، فيُقبل المواطنون على شرائه مضطرين، متجاهلين ما يسببه من أمراض تنفسية لهم ولأولاهم، وأحيانا تحدث انفجارات نتيجة ارتفاع الحرارة وتبخر بعض المواد الخفيفة الكثافة، كما سجلت الكثير من حالات الإختناق بالغازات السامة نتيجة استنشاق أبخرة المازوت المكرر في محافظتي حلب والرقة.
اللاجئين والموت مرتين:
باتت أي ظاهرة جديدة تهدد اللاجئين السوريين بالموت دائماً، فلقد حاصرتهم الثلوج وهدمت خيامهم في لبنان والأردن وتركيا، وتسببت بوفاة العشرات من الأطفال والشيوخ.
ومن جهتها قالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان دانة سليمان إن "مسؤولية مساعدة اللاجئين السوريين ليست فقط على المفوضية والحكومة اللبنانية، بل تقع أيضاً على عاتق المجتمع الدولي".
وبالنسبة لمخيم الزعتري في الأردن الذي يضم أكثر من أربعة آلاف عائلة فهم بأمس الحاجة لنقلهم إلى بيوت جاهزة ليحتموا فيها من قسوة الجو.
معاناة اللاجئين السوريين قوبلت بالتجاهل الدولي والعربي، واقتصرت مساعدتهم على بعض الحملات الفردية الطابع لبعض الناشطين في المجال الإنسان، فسُجّلت العديد من حالات الوفاة برداً في المخيمات بين الأطفال والشيوخ، لِتَصِم َجبين الإنسانية المتخاذل بالعار.
ولعل الموقف الأكثر خِزياً كان من الأطراف الوطنية، فالنظام الذي يدَّعي أنه الممثل الشرعي للمواطنين تجاهل رسمياً وإعلامياً وجود هؤلاء السوريين, فقد اعتبرهم فيما مضى جزءاً من المؤامرة الكونية، بسبب نزوحهم خارج القطر، والائتلاف المعارض الذي يدَّعي أيضاً أنَّه الممثل الحقيقي للشعب السوري فقد واجه الكارثة بإهمال قسم من أعضائه، وبتباكٍ إعلامي فقط لقسم ٍثانٍ، فيما انشغل القسم الآخر بخلافاتٍ داخليةٍ متجاهلاً الحدث الجلل.
بقلم:يارا عدرا
صحافية
السورييون والكفن الأبيض
Reviewed by 0
on
4:15 ص
Rating:

ليست هناك تعليقات: