المفاتيح الأساسية للدخول إلى عالم الطفل
المفاتيح الأساسية للدخول إلى عالم الطفل
تعدُّ الطفولة عالماً قائماً بحد ذاته, عالماً يزينه طفل يتسم بالبراءة والطيبة, ولأن الطفل هو إنسان المستقبل فإن إتقان إعداده وتربيته هو في الحقيقة تخطيط لمستقبلٍ أفضل وضمانة للتقدم والتطور.
إنَّ عالم الطفل في الواقع ليس نسخةً مصغرةً من عالم الكبار, ولا عالماً مركباً من ألغازٍ معجزة, هو عالم له خصوصياته المبنية على مبادئ بسيطة ومفاتيح أساسية وهي:
1. الطفل كيان إنساني سليم وليس حالة تربوية منحرفة: كل طفل يولد على الفطرة ويمتلك مَلَكات فطرية تجعله مستعداً ليسير في رحلته في هذه الدنيا, بهذا التصور سيتحدد نوع تدخّلنا في كيانه, ووظيفة الأب والأم تجاه أطفالهم هي تقديم المساعدة حتى تنضج تلك الملكات وتُنمّى قدراتهم التنمية المناسبة.
2. الواجب عند الطفل يتحقق عبر اللذّة وليس عبر الألم:
نعم, إن خوف الطفل من الألم قد يجعلك تضبط سلوكه ولو لفترة محدودة ولكنك لن تستطيع التعويل باستمرار على تهديده بالألم.
اذاً.. كيف تريد أن تبني في كيانه قيمة احترام الواجب والالتزام به؟ إننا لا ننتظر من الطفل أن يتصرف من تلقاء نفسه وبشكل آلي لأنَّ مفهوم الواجب عنده لم ينضج بعد, وهو من المفاهيم المجردة التي ينبغي تنشئة الطفل عليها تدريجياً, فحينما تطلب منه إنجاز واجباته المدرسية, فإن استجابته لن تكون قوية ما لم تربطها بمحفز يحقق له متعة منتظرة مثل: القيام باللعب بعد الإنتهاء من الواجب أو غناء أغنية جميلة, فيكون الهدف من ذلك هو أن يصبح الطفل متعلقاً بفعل الواجب بقدر تعلقه بتحقيق تلك المتعة, وما يدعم ذلك هو أن الطفل أثناء تنفيذه الواجب سوف يفعل ذلك بمتعة مصاحبة كأن يغنّي وهو يكتب.
الزمن عند الطفل زمن نفسي وليس زمناً اجتماعياً:
الزمن الذي يعمل وفقه الطفل هو الزمن الذي يحسه وذلك حسب متعته أو ألمه, فإذا كان مستمتعاً في اللعب فإنه يعتقد في قرارة نفسه أن الكون كلّه سيتوقف احتراماً لمتعته, فلا يحقّ لأحد أن يشوش عليه ذلك, على سبيل المثال إذا كان مستغرقاً في اللعب وكان عليه أن ينتهي منه في ساعة محددة فما عليك إلّا أن تنبّهه إلى ذلك قبل الموعد بعشر دقائق على الأقل وأن تقوم بمشاركته فيما يقوم به حتى تساعده في إنهاء اللعبة.
3. العناد عند الطفل نزوع نحو اختبار مدى الاستقلالية وليس رغبة في المخالفة:
عندما يخالفنا الطفل ويقول "لا" نتهمه مباشرة بالعناد, يظهر العناد عادة بعد مرور سنتين ونصف من عمره حيث يقول فيها لا على كل شيء, هنا يؤكد علماء النفس أن العناد مؤشر على صحة الطفل النفسية.
4. الفضاء عند الطفل مجال للتفكيك أي المعرفة وليس موضوعاً للتركيب أي التوظيف:
نرتب الفضاء -نحن الكبار- ليقوم طفلنا بوظائفه, لكن إذا وضعناه في الفضاء الذي قمنا بترتيبه فإنه سوف يحوّله إلى فوضى كاملة لماذا؟ لأنه يمتلك شغفاً شديداً بأن يتعرّف على هذا العالم حتى يكون مؤهلاً في المستقبل لتوظيفه, ووسيلته الوحيدة هي تفكيكه, على سبيل المثال: كانت هناك أُم استطاعت بخبرتها أن تجد حلاً لمشاغبات ابنتها التي أظهرت اهتماماً خاصاً بالتوابل, فخصصت وقتاً وضعت فيه بين يديها كل تلك المواد وأخذت تعرّفها عليها مادةً مادة, وسمحت لها أن تتذوقها وتشمها, وهكذا فقد أشبعت الأم رغبة طفلتها في المعرفة, وحمتها من تعريض نفسها للخطر.
5. كل رغبات الطفل مشروعة وتعبيره أحياناً عن تلك الرغبات يأتي بصورةٍ خاطئةٍ:
من أهم المبادئ التي يدلنا عليها علم البرمجة العصبية اللغوية أن وراء كل سلوك مهما كان سلبياً دافع إيجابي, فدوافع الطفل لا تخرج عن الرغبة في تحقيق الحاجات الحيوية بالنسبة إليه, ومنها تحقيق الذات والرغبة في الشعور بالاهتمام وغيرها, ولكنه لأجل تحقيق تلك الرغبات المشروعة قد يقوم بأفعال مزعجة للكبار, فقد يبالغ في البكاء لكي يعبّر عن رغبته في الأكل.
كيف تكون ردة فعلك حينها وعلى ماذا تركز اهتمامك؟ غالباً ستكون ردة فعلنا بالسلوك الخاطئ وهو العقاب, ولكن عن طريق العقاب سوف نساهم في إرباك التوازن النفسي لدى طفلنا, من المهم هنا أن نكون أكثر تحكّماً في ردة أفعالنا تجاه السلوكيات الخاطئة, وعند ذلك سوف نجد أنفسنا مقبلين على خيارات أخرى غير العقاب, فقد نكتفي بتنبيه الطفل وهذا ما يساهم في الحفاظ على التوازن النفسي.
إنّ البيت هو أهم مكان لتعليم وتربية الطفل, وأنتم أيها الآباء والأمهات أول المعلمين وأكثرهم تأثيراً عليه, لذلك يجب عليكم أن تتفهموا عالمه الخاص به بشكل صحيح حتى تدعموا الثقة المتبادلة وتقوموا بتمكين التواصل المعنوي والنفسي بينكم لتتجاوزوا أكبر قدر من أسباب التوتر التي قد تعترض طريق طفلك في حياته.
بقلم:هبة سعد
المفاتيح الأساسية للدخول إلى عالم الطفل
Reviewed by 0
on
4:03 ص
Rating:

ليست هناك تعليقات: