Top Ad unit 728 × 90

الشراكس

الشراكس


قد يسمع الكثير منا عن الشركس أو الشراكسة،ولكن القليل من يعرف أصولهم.....
فمن هم الشراكس إذا"؟
أطلقت كلمة (الشراكس)على إحدى قبائل شعب الآديغة،ثم غدت تسمية عامة شملت كل الشعوب التي تستوطن شمال القفقاس(وهي المنطقة الممتدة بين البحر الأسود والخزر وأحواض أنهار الكوبان والترك وصولاق وكورا و أراكس ومصبات نهر الدون والدينيز وشبه جزيرة تامان).اسم آديغة مشتق من الاسم القديم لهم(الآنت)كما تشير إلى ذلك دائرة المعارف الفرنسية التي تقول أن اليونان كانوا يطلقون قديما" على الشراكسة اسم آنت وهي كلمة مؤلفة من مقطعين(أن+ت)وهي تعني عطاء إله السماء.غير أن العالم المعاصر يعرفهم تحت اسم الشراكسة.وجان دوبلان دوكاربان مبعوث البابا انيوسان الرابع إلى خان المغول عام1245 كان أول من استخدم في المدونات لفظ سيركاسي للدلالة على الشراكسة وعموما" كان الأتراك والتتار يستخدمون ذات الكلمة للدلالة عليهم.
وللموافقة بين التسميتين أقر المؤتمر الثالث لاتحاد الجمعيات الشركسية العالمي المنعقد في كراسنودار عام1996 إدراج تسمية شركس إلى جانب التسمية القومية أديغة و أبخاز.
عمل الشركس بالرعي وزراعة القمح والذرة ودوار الشمس وأنواع كثيرة من الفواكه مثل التفاح والإجاص والكروم بكثرة بالإضافة للخضراوات والحمضيات والشاي.
مأساة التهجير :
عشق الشركس بلادهم.....عشقوها بسمائها وجبالها....عشقوها حتى الموت، فكان الموت نصيب بعضهم، والتهجير نصيب بعضهم الآخر.
الأرض القوقازية بجمالها الأخاذ أثارت أطماع الروس منذ عهد إيفان الرهيب في القرن السادس عشر،واستمرت مقاومة فرسان القوقاز إلى21 أيار1864 حيث حلَ ظلام طويل على شعوب القوقاز،وخضعوا لعملية إبادة كانت الأولى في تاريخ أوروبا الحديث.
هُجِّر حوالي مليونين من شعوب القوقاز،وسط ظروف غير إنسانية قضت على800 ألف مهجر،من موانئ القوقاز إلى موانئ الدولة العثمانية ،وسكنوا في مناطق بدءا" من سامسون شمالي تركيا إلى عمّان،حيث استغل العثمانيون قوة وبسالة الشركس لحماية سكة الحجاز إضافة لمهاراتهم الزراعية.
وتفتت شعوب القوقاز في مختلف أصقاع الأرض.
الشركس في سورية:

لا توجد إحصائيات رسمية لعدد الشراكسة المنتشرين في العالم على 40 دولة ،ولكن يقدر عددهم بحوالي خمسة ملايين نسمة يعيش معظمهم في تركيا.
 وفي سورية حسب آخر إحصاء هناك 300 ألف شركسي؛انتشر الشراكس على مختلف مناطق الخارطة السورية، أهم تلك المناطق:
-هضبة الجولان بمختلف قراها سواء المحتلة حاليا"مثل المنصورة،عين زيوان،الخشنية،الجويزة،العدنانية وغيرها.
والقرى المحررة مثل :البريقة وبير عجم ورويحينة والقحطانية.
-ريف دمشق:في منطقة مرج السلطان.
- في بعض قرى ريف حمص مثل:عين النسر ،تليل، تل عمري،عسيلة.
- السلمية:تل سنان.
- حلب :منبج وخناصر.
كما استوطن قسم منهم في أحياء محددة في المدن مثل دمشق- القنيطرة- حمص-الرقة- اللاذقية ,وسميت هذه الأحياء باسمهم، حتى أنهم أسسوا أحياء مثل حي المهاجرين الشهير في دمشق عام 1878 كما يوجد منطقة الشركسية في قاسيون وهو حي في أعلى العفيف في الصالحية سمي نسبة إلى مدرسة الشركسية التي انشأها الأمير الشركسي فخر الدين جهاركس الصلاحي.
 وعلى الرغم من معاناة الشراكس من ظروف التهجير اللاإ نسانية طويلا" إلا أنهم استطاعوا بناء أساس معيشتهم والتكيف مع الواقع الجديد الذي فُرض عليهم. وتمكنوا من إيجاد لغة مشتركة مع الشعوب المضيفة ,وشاركوا في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في دول الشتات.وظهر بينهم الأدباء والعلماء والقادة السياسيين والعسكريين، عاش الشراكس مواطنين وجدوا عند إخوتهم العرب الصدر الرحب واليد الممدودة مما ساعدهم على تسريع اندماجهم وتأقلمهم في المجتمع وتحولوا إلى عناصر منتجة فعالة،وشغلوا بعض الوظائف المهمة في الدولة وبرز الكثير من الشخصيات في الجيش والشرطة والمجالات كافة.نذكر منهم:
-النائب أمين أيوب سمكوغ.
-الشهيد جواد أنزور الذي كان له ولكتيبته دور عظيم في الحرب العربية الاسرائيلية عام1948 .
-الدكتور أحمد بكير كوجبه جراح القلب المعروف من أوائل من قام بإجراء عملية زراعة قلب ناجحة في سورية.
-الدكتور معاذ عثمان وهو أول من أدخل طفل الأنبوب إلى سورية.
-الكاتب برزج سمكوغ.
-الشيخ جودت سعيد داعية السلم والعلم.
-الفنان التشكيلي موفق قات.
عاداتهم وتقاليدهم:
يسير المجتمع الشركسي بموجب قوانين ثابتة تقريبا",وهي قوانين العادات والتقاليد (الأديغة خابزة) ,يتوارثها الصغار ويتعلمونها من الكباروهي مشابهة لقواعد الإتيكيت ،الشراكسة قدسوا بتقاليدهم وعاداتهم الأخلاق، والقوة،والوطن، وكبار السن......
اهتموا بالفروسية وفنون القتال، ومن أهم خصائص الشركس هو تحمل المشاق ومواجهة المخاطر، وقد تحلى مجتمعهم بالمهارة الحربية الفريدة والهندام الأنيق، وتحرم التقاليد الشركسية على الزوجة والوالدة وأقارب الشهيد لبس السواد عليه أو الظهور بمظهر الحزن،كما تقضي  التقاليد بإكرام الضيف وتقديم أفضل الطعام والشراب إليه وحمايته،والشراكسة فيهم الكثير من الصفات الحميدة ولعل أبرزها الشجاعة والكرم،والولاء للوطن.وهم أشداء أهل بأس وهمة،ولا أدل على ذلك من مقاتلتهم للروس وصمودهم العجيب الذي أذهل العالم.
الأطفال عندما يولدون يبقون في حجور أمهاتهم، بعيدين عن الوالد التي تقضي واجبات رجولته ألا يداعبهم  وغالبا" لا يأكل معهم،وذلك لأجل أن لا تؤثر عليهم العاطفة،إذ العاطفة والرجولة ضدان لا يجتمعان ،فكانت الأبوة لديهم هي الرجولة والهيبة والاحترام بعيدا"عن العاطفة،لذلك تركوا تربية الأطفال لأمهاتهم اللواتي هن سيدات مملكتهن الداخلية لتذكي فيهم روح التربية الأساسية من صدق واستقامة،إلى أن يقوى عودهم،ويبدأ نضوج تفكيرهم وإذكاء روح الشجاعة والنبل في نفوسهم، وحتى يخرجوا من دور الطفولة ويدخلوا في طور الشباب،فيبدؤوا بمساعدة والديهم،الولد مع أبيه، والبنت مع والدتها.
تفرّد الشراكس بعادات الزواج لديهم فهم يبغضون زواج الأقارب لضرره بصحة النسل ولانتشار عادة الرضاعة في مجتمعهم.
كان الشراكس يفسحون لأبنائهم ذكورا" وإناثا"مساحة كافية من الحرية للتعارف والاختلاط واختيار شريك حياتهم ،ضمن منظومة أخلاقية ومراقبة من الأهل .
لذلك نسبة الطلاق في المجتمع الشركسي شبه معدومة.
وللزواج طريقتين الأولى هي المتعارف عليها بطلب العروس من أهلها وإقامة العرس ،أما الطريقة الثانية هي الزواج بالخطف الذي كان قديما" قد يؤدي للاقتتال وإبراز الشجاعة والرجولة".
يحتل الرقص الشعبي في الحياة الشركسية مكانا" مميزا"،فهو الذي ابتدأ في الزمن الغابر رقصا" دينيا"يحاكي الآلهة ,لكن عندما اعتنق الشراكس بغالبيتهم الدين الاسلامي مع أقلية مسيحية ,تحول الرقص إلى موروث ثقافي فني حافظوا عليه ليومنا هذا ،وقد شاهد الجمهور السوري بعض الفرق العالمية للرقص الشركسي ضمن فعاليات معرض دمشق الدولي كما أن فرقة الجمعية الخيرية الشركسية في دمشق أسهمت إلى حد كبير في تعريف المواطن السوري بالفن والموسيقا والرقص الشركسي.
.الشركس بارعون بالرقص وهو جزء أساسي في حفلاتهم وأعراسهم، وهو الوسيلة التي يعبر بها الشاب أو الشابة عن مشاعرهم، لقد طوروا إشارات معينة أثناء رقصهم صار لها دلالات معينة يعبّرون من خلالها عن مشاعرهم دون أن يلفتوا الكثير من الانتباه في مجتمع يتصف بإعلاء مفاهيم العفة والأخلاق الحميدة والاحترام .
ينقسم الرقص الشركسي إلى أنواع كثيرة ,الشائع منها رقصات (قافه)أو (زفاكوه )-(شه شن)-(ويج )-(كوشه ماف)-(كوشه غاز)-(بنفيش زفاكوه) ,ولكل رقصة نغم خاص أو أنغام خاصة مع التصفيق وهذه الرقصات تتغير بين آن وآخر حسب رغبة العازف أو الراقص.
  فمثلا" القافة" وهي رقصة الأمراء التي يتعرف بها الشاب على الفتاة وتكون هادئة ولها مسار محدد ، الششن وفيه تكون
 الموسيقا أسرع مع حرية تامة للشاب للحركة ، وإظهار قوته ومهارته بتناسق حركاته السريعة على إيقاع الموسيقا، مبرزا نقاط الرجولة التامة وهذا ينطبق على الفتاة التي تبرز أنوثتها بهذه الرقصة. .
 . ويتحتم على الشاب الراقص أن يتبع حركات مراقصته دون ملامستها وينسجم معها بخفة ورشاقة ، ويحيط بالراقصين جمهور من المتفرجين من رجال ونساء بشكل حلقة تدعى حلقة( الجَوغ) حيث يكون مبدأ الحلقة هو (التحماتة) الذي له موضع الصدارة وعلى يمينه تحماتت الفتيات ويليهم على يسار التحماتة الشبان من الأكبر للأصغر سنا" والفتيات نفس الشيء . يغنون على أنغام الموسيقى وهم يصفقون بنظام خاص غير أن النساء لا يشتركن في هذا التصفيق ، وتتحلى هذه الجمعات بالآداب و الحشمة والوقار بين الشبان والشابات والتربية الشركسية الحقة بعظمتها وجلالها, حيث الهدف الرئيسي من الرقص بجميع أنواعه هو إبراز رجولة الشاب ووقاره وأنوثة الفتاة و عفتها. .

 الزي الشركسي:الزي التقليدي هو جزء من الهوية الشركسية، حيث يتألف لباس الفتاة الشركسية من الرداء الخارجي المصنوع من الجوخ ،أو المخمل المعرق، أو الساتان السميك ،وتحته القميص الشتوي أو الصيفي موشى بالنقوش الذهبية أو الفضية ،والثوب أو التنورة ،ثم القبعة وغطاء الرأس الحريري والزنار الذهبي أو الفضي المعشق بالذهب.
أما لباس الرجل الشركسي فيتألف من سروال وقميص تلبس فوقه سترة طويلة مصنوعة من الجلد أو الجوخ مع جيوب خاصة للرصاص على الصدر، ويضع على خصره الخنجر والسيف، وينتعل حذاء جلدي طويل ويضع على رأسه (القلبق)وهو عبارة عن قبعة سوداء.
حافظ الشراكس على هويتهم وعاداتهم في بلاد المهجر التي ذابوا فيها وتعايشوا مع أهلها الأصليين وأصبحوا جزءاً فاعلاً فيها ,ويؤكد ذلك أننا نجد أن الشراكس(الأديغة) شكلوا لون جميل من ألوان قوس قزح مجتمعنا ، تناغم مع بقية ألوان هذا الطيف ، حفظ الله مجتمعنا بكل مكوناته .


بقلم : عالية العبدي
الشراكس Reviewed by Unknown on 12:12 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

All Rights Reserved by تجريب © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.