الإنصات الفعّال للطفل

الإنصات الفعّال للطفل

إنصت لأبنائك ليحسنوا الإنصات لك

خمس دقائق لاغير!! خمس دقائق لاأهمية لها عند عامة الناس لكنها في غاية الأهمية بالنسبة للطفل,

إنها تعني أنك تود التواصل معه وتحاول فهمه وتفهّم حاجاته ورغباته,أنك تشعربه، وقبل كل شيئ أنّك تتقن فن الحوار وبالتالي تعلّمه فن الإنصات الفعّال.

في كتاب ستيفن كوفي "العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية" تحدّث الكاتب عن أبٍ يجد أنّ علاقته بابنه ليست على ما يرام، فقال لستيفن: لا أستطيع أن أفهم ابني، فهو لا يريد الاستماع إليَّ أبداً

فردَّ ستيفن: دعني أرتب ما قلته للتو، أنت لا تفهم ابنك لأنّه لا يريد الاستماع إليك؟

فردَّ عليه: هذا صحيح

ستيفن: دعني أجرب مرة أخرى، أنت لا تفهم ابنك لأنه -هو- لا يريد الاستماع إليك أنت؟

فرد عليه بصبر نافذ: نعم هذا ما قلته.

ستيفن: أعتقد أنك كي تفهم شخصاً آخر فأنت بحاجة لأن تستمع له.

الإنصات الفعّال يعني الاستماع باهتمام وبكل جوارحنا للطفل, يعني اهتماماً بما يريد التعبير عنه, اهتماماً إيجابياً بالرسائل الخفية للطفل.

لهذا يعدّ خطوة ضرورية في التربية الإيجابية لا غنى للمربي عنها, فكما أننا نخصص وقتاً لشراء ما يحتاجه أبناؤنا, ووقتاً للاهتمام بصحة أبدانهم ونظافتها, كذلك نحتاج تخصيص وقت للإنصات لهم مهما قلّ هذا الوقت.

إن مفتاح الإنصات الفعّال يكمُن في الرسائل غير اللفظية التي نرسلها لأبناءنا (الابتسامة ولغة الجسم وملامح الوجه ونبرات الصوت المعبرة عن الحنان والمحبة والود) التي تنبعث بين الفينة والأُخرى معبرة عن موافقتتنا وتفهمنا لما يقوله ابننا.

إن خمس دقائق ينصت فيها الأهل لابنهم قد تجعلهم يتفادون تضييع ساعات طويلة في معالجة مشكلات كثيرة.

 خطوات للإنصات الفعّال

- اربطوا علاقة تواصل بين عيونكم وعيني ابنكم, تفادوا أن تشيحوا وجوهكم عنه لأن ذلك يوحي بقلة اهتمامكم بما يقوله وقلة اعتباركم لشخصه، هذا التواصل يبدأ من الأيام الأولى لولادة الطفل إذ نجده يحدق في عيني أمه ويصغي إلى صوتها المنساب بحنان.

- استخدموا طرق اتصال جسدي مباشر ( لمسة الحنان, العناق ووضع أيديكم على كتفيه)، إن ذلك من شأنه أن يوطّد العلاقة الإيجابية ويسهل لغة التواصل العاطفي والتفاهم وبالتالي يفتح لدى الطفل أجهزة الاستقبال للرسائل التربوية الصادرة من الوالدين.

- عندما يبادر ابنكم بالحديث اعملوا جاهدين على الإصغاء له, توقفوا عن أداء الأعمال التي بين أيديكم أو تابعوا عملكم مع النظر إليه محاولين إظهار الإهتمام بما يقول.

- علّقوا على ما يقول وبشكل سريع مبدين تفهمكم لما يقوله من خلال حركة الرأس أو الوشوشة الميمية بنعم مما يوحي لابنكم أنكم تتابعونه باهتمام فتزيد طمأنينته.

- ابتسموا باستمرار واظهروا ملامح الاطمئنان لما يقوله مع الحذر من إشعاره بأنكم تتحملون كلامه على مضض أو أنه مضيعة لوقتكم, ولا تنظروا للساعة وكأنكم تقولون له لا وقت لدي لكلامك.

- حاولوا إيجاد طرق للتخاطب معه تشعرونه فيها بأهميته ومكانته لديكم, اعملوا على إطراء الإنجازات والجهود التي يبذلها ولكن دون مبالغة، إذ أن مثل هذا المديح يعد حافزاً جيداً يبين مدى اهتمامكم وتقديركم له.

- انتبهوا جيداً إلى كل ما تقولونه لابنكم خاصة إذا كنتم غاضبين, احذروا التفوه بعبارات قاسية وجارحة قد تترك أثرها السلبي في نفسيته, حتى عبارات اللامبالاة التي تبدو لكم أمراً عادياً ستكون أمراً في غاية الخطورة بالنسبة له: كقولكم ( يا أحمق يا له من سؤال تافه,  دعني وشأني لا تزعجني) هذه العبارات ستجعل ابنك يشعر أنه عديم القيمة وغير مرغوب به وتؤثر على ثقته بنفسه لاحقا.

- عندما تتضح الفكرة التي يريد ابنكم إيصالها لكم, عبِّروا له عن ذلك وأعيدوا باختصار وبتعبير أدق ما يود إيصاله لكم، ليتعلم اختصار ما يريد قوله وفن التعبير عن مشاعره وأحاسيسه بدقة.

إذاً يمكننا القول إنّ الإنصات الفعّال لا يكتمل إلا من خلال الاتصال غير اللفظي الذي يطمئن الابن ويعيد إليه توازنه النفسي ويقضي على مقاومة الابن للرسائل التربوية الصادرة عن الأهل, فالأطفال عادة يعاندون ويبدون مقاومة لرغبات الوالدين بشكل عام, والطريق السليم لامتصاص هذه المقاومة هو تخصيص وقت للإنصات الفعّال له,

 فكلما تحدث الابن ووجد قبولاً واهتماماً كلما ضعفت المقاومة السلبية لديه وقل عناده.

إن تعلّم كيفية الإصغاء الفعّال فن يتطلب العمل الجاد, لكنه مع الوقت يصبح عادة نتميز بها.

ولننتبه أن لا تشغلنا ظروف الحياة وهمومها عن أطفالنا, فكما أننا نجد وقتاً لفنجان قهوة, لسماع أغنية, لزيارة, لأخذ قيلولة .. لا بد من أن يكون لأطفالنا من يومنا مساحة ولو قليلة, هذا من أهم واجباتنا تجاههم ومن أبسط حقوقهم علينا.

ولنصغي لطفلنا اليوم حتى يصغي لنا غداً وبعد غد.

بقلم:ديمة سعد

اخصائية تربوية