Top Ad unit 728 × 90

الدعم النفسي- الاجتماعي للأطفال في الأزمات

الدعم النفسي- الاجتماعي للأطفال في الأزمات

عندما نفكر باحتياجات الأطفال -عادة - نركز على احتياجاتهم المادية من طعام وشراب ومسكن وصحة, لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا يكفي؟! بالتأكيد لا, فهناك احتياجات أخرى لا تقل أهمية عنها  كالاحتياجات النفسية والاجتماعية والتي تتجسد في الحاجة إلى الأمان, الحب, الحماية, الحنان, التقدير, التقبل والتفاعل الاجتماعي من أجل نمو شامل ومتكامل.
يهدف الدعم النفسي الاجتماعي للأطفال الذين مروا بخبرات صادمة وظروف مؤلمة إلى المساهمة في دفع نموهم النفسي الاجتماعي إلى الأمام، من خلال تخفيف وطأة الأحداث على تطور شخصيتهم وقدراتهم, لأنهم بحاجة للدعم الحقيقي الذي يسمح لهم بمتابعة حياتهم ومنحهم الشعور بأنهم يستحقون الحياة وأن هناك أملاً في المستقبل.
كلّ طفل هو حالة فريدة ومختلفة ولديه شخصيته الخاصّة به, وطباعه وقدراته وخبراته التي تميزه عن غيره, هذه العوامل سوف تؤثر على كيفية تعامله مع الأحداث المحيطة، لذلك من الضروري تفهم كل طفل على حدا, والاستماع له ومساعدته على بناء قوى داخلية تساعده على التكيف مع الخبرات التي يمر بها وخاصة القاسية والمفاجئة.
يمكن أن نقدم الدعم النفسي- الاجتماعي لأطفالنا من خلال:
تلبية حاجة الطفل إلى الشعور بالأمان والسلامة: يلبي الطفل هذه الحاجة من خلال تعلّقه بوالديه أو أفراد أسرته المقربين.
وفي هذا الصدد نقدم مجموعة من الرسائل للأهل تتمحور بما يلي:
- ابقوا على تواصل عاطفي متين مع أطفالكم من خلال احتضانهم وإشعارهم بالأمان والحب, لكن احرصوا على أن يكون إظهار المحبة والود بشكل طبيعي وعدم المغالاة في التعبير عن ذلك.
- القيام مع أطفالكم بنشاطات جماعية مثل الأكل واللعب حتى لا يشعروا بالوحدة. ومن المهم أن تشركوهم في أنشطة بدنية وألعاب متنوعة من أجل توفير مجال للتخفيف من حدة التوتر والضغط النفسي لديهم.
- شاركوا طفلكم أفكاركم ومعتقداتكم ( أنا أشعر....أنا اعتقد...إلخ.)
تلبية حاجة الطفل إلى فهم مايجري: إن عدم فهم الطفل ما يجري حوله وانعدام المعلومات عن الأحداث المحيطة به تساهم في زيادة الخوف وتكريس آثار الأحداث الصادمة عليه, فالمعرفة والفهم من المتطلبات الأساسية لإعادة التوازن النفسي والفكري للطفل.
من هنا نؤكد على الأهل أن يجيبوا على أسئلة الطفل حتى ولو كانت صعبة أو مزعجة على أن تكون الإجابة بلغة بسيطة وسهلة وذلك تحسباً لمنع تفسير الأطفال الذاتي للأحداث بطريقة غير صحيحة، وأن يتجنبوا الإسهاب في الأوصاف المفرطة بالإثارة عن الأحداث الصعبة والتأكيد على أن هذه المرحلة عابرة وغير مستمرة.
يجب حماية الطفل من تكرار مشاهدة الصور والأحداث العنيفة فليس لدى الأطفال مفهوم للتكرار وكلما شاهدوا الحدث يعيشونه من جديد.

تلبية حاجة الطفل للتعبير عن مشاعره: إن من أهم حقوق الطفل علينا هو حقه في أن يشعر كما يريد وليس كما نريد نحن, ولا يوجد حق في العالم يسمح لنا بإيقافه.
من المهم توفير الإمكانية للتعبير عن المشاعر كماهي دون نقاش, فلا يوجد ماهو خطأ أو صواب هنا. ويجب الابتعاد عن إصدار الأحكام أو النقد أو اللوم بسبب ما يقوله وإلا سنزيد الأمر سوءاً. إن دورنا الأساسي يتمحور في طمأنة الطفل من خلال الإصغاء الفعّال إليه في جو يسوده الحب والتفهم والتعاطف الوجداني.
إن التنفيس والتفريغ عن المشاعر للكبير والصغير هما أمران أساسيا كطريقة للتغلب على الأزمات التي يعيشها.
وفي هذا الصدد نقدم مجموعة من الرسائل للأهل تتمحور بما يلي:
- قبل الحديث مع الأطفال عن الأوضاع الصعبة وعن مشاعرهم، كونوا على وعي وفهم لمشاعركم، تقبلوها ولا تخفوها.
- اشرحوا لطفلكم أن الخوف حالة طبيعية، وأوردوا له أمثلة على أناس مقربين منه كأقاربه أو أصدقائه من الذين يشعرون أحياناً بالخوف والغضب.
- وضحوا لطفلكم أنه يستطيع أن يلجأ إليكم إذا راودته مشاعر غير سارة وأنكم مستعدون دائماً للتحدث إليه.
-تفهموا ردود أفعال الطفل تجاه المواقف والخبرات الصادمة، فإذا شكا الطفل وبكى من خوفه وقلقه من تلك
الأحداث, عليكم أن تتفهموا خوفه وتساعدوه على التعبير عن نفسه( يبدو أنك قلق!، قل لي بماذا تشعر؟)
- لا ترغموا الطفل على الحديث عن تجاربه فور حصولها وخاصة إذا لاحظتم أنه ينطوي على نفسه على غير عادته.
بناء القدرة على التكيف: نشهد اليوم اهتماماً ملحوظاً لدى الاختصاصيين النفسيين بما يعرف بالمرونة الداخلية والتي تعني القدرة على التكيف بسهولة مع أيّ تغير مفاجئ من خلال تفعيل مواطن القوة عند الإنسان وموارده الشخصية أثناء الطوارئ.
يجب مساعدة الطفل على بناء نقاط القوة الداخلية عنده من خلال تنمية مجموعة من المهارات والكفاءات التي تساعده على التعامل مع الأحداث التي يواجهها في حياته  ليصبح أكثر تفاعلاً وتجاوباً وبالتالي يكتسب قدرة أكبر على التعامل مع عواطفه الخاصة.
يمكن أن يلعب الأشخاص الراشدون دوراً مهماً في تنمية القدرة على التكيف عند الطفل من خلال تحقيق كل ماسبق ذكره, ومساعدة الطفل على تطوير نظرة إيجابية للمستقبل وترميم ثقته بنفسه وتنمية قدرته على التعامل بإيجابية مع الضغوطات المختلفة.
طفلكم بأمس الحاجة لأحضانكم الدافئة, لوقتكم, لمشاعركم, لوجودكم.. كونوا إلى جانبه لينعم معكم بالسلام الداخلي.


بقلم:ديمة سعد
اخصائية تربوية
الدعم النفسي- الاجتماعي للأطفال في الأزمات Reviewed by Unknown on 1:19 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

All Rights Reserved by تجريب © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.