Top Ad unit 728 × 90

بصرى




بصرى



مدينة صغيرة تقع في محافظة درعا جنوبي العاصمة السورية دمشق بحوالي 140كم  في سهل النقرة الخصيب, اسمها بصرى الشام، تبلغ مساحة المدينة القديمة منها 120 هكتار.

وكلمة بصرى في الكتابات السامية القديمة تعني "الحصن"، وقد ذُكرت بصرى في رسائل العمارنة في القرن الرابع عشر ق.م, في قوائم تحوتمس الثالث واخناتون.
بصرى هي المدينة النبطية الأولى في القرن الثاني ق.م باسم "Buhora", وفي الفترة الهلنستية عُرفت باسم "Bustra", أما في الفترة الرومانية سميت "Neatrajana Bustra" نسبة للامبراطور الروماني تراجان الذي أصبحت بصرى في عهده عاصمة الولاية الرومانية العربية.
 كانت مركزاً تجارياً وممراً هاماً على طريق الحرير الذي يمتد إلى الصين.
تتميز بصرى بالتاريخ العريق للحضارات التي تعاقبت على الموقع اعتباراً من عصر البرونز الوسيط (2000- 1500 ق.م) وحتى الآن, ومنها الكنعانية والآرامية وكذلك الهلنستية التي بدأت عام 333 ق.م وغيرها من الحضارات.
ازدهرت واكتسبت أهمية خاصة في القرن الأول الميلادي حين أصبحت العاصمة الشمالية للمملكة النبطية وغدت على تماس مع الحضارة الهلنستية, وكذلك في المرحلة الرومانية حيث نشطت حركة العمران وصارت عاصمة الولاية الرومانية العربية عام 106م.
وفي العصر البيزنطي كانت عاصمةً دينيةً هامةً وغدت مركزاً للكرسي الأسقفي بعد انتشار المسيحية، كما شارك أساقفتها في مجلس أنطاكية, وكانت بصرى أول مدينةٍ بيزنطيةٍ خضعت للفتوحات الإسلامية عام 634م حين فتحها خالد بن الوليد.
شهدت بصرى أوج توسعها وازدهارها الحضاري في العصر الأيوبي, إذ كانت مقراً عسكرياً للملوك الأيوبيين.
ولكن في العصرين المملوكي والعثماني تقلص دور بصرى لكنها بقيت محطة هامة لقوافل الحجاج إلى أن انتقلت المحطة إلى مكان آخر بسبب إغارة البدو على تلك القوافل.
هكذا يمكننا تصور ماضي المدينة بمشاهدة تلك المجموعة الضخمة من المباني القديمة, فالسائر في شوارعها يشعر بأنه يعانق ملوك وقادة تلك الأزمنة الغابرة وكأنه واحد من أشخاصها, وحجارتها كالبشر تروي الكثير من أحداث الماضي,  فها هو المسرح الروماني الذي يعتبر واحد من أجمل وأكمل المدرجات الرومانية في العالم وأكثرها حفظاً,  بُني في القرن الثاني الميلادي، ويستخدم للاحتفالات والمناسبات الفنية التي تجري في سوريّة, كما تُقام فيه فعاليات "مهرجان بصرى السنوي". يتسع المدرج 15000 متفرج، وقد تحول هذا المدرج إلى قلعة محصنة بدءاً من العصر الأموي حيث سُدّت جميع أبواب المسرح الخارجية، وتُرِكت له منافذ صغيرة وأُحيط بأبراج وأصبح المسرح بمنزلة حصن.


-          دير الراهب بحيرا: يُؤرخ في القرن الرابع الميلادي, وهو أقدم كنيسة في المدينة بُنيَ بأسلوبٍ مختلفٍ عن جميع الكنائس في بصرى.
-          الكاتدرائية: يعود تاريخ إنشائها إلى 512-513 م، بناء ذو أهمية كبيرة شكّل تأثيراً هاماً في تطور أشكال العمارة المسيحية.
-          الكنيسة الكبرى: أظهرت التنقيبات أن الكنيسة بنيت على أنقاض معبد نبطي.
-          الحمامات الرومانية: يعود تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي.
-          المعسكر: يعود تاريخه إلى بداية القرن الثاني الميلادي, وقد أقامت فيه تشكيلات عسكرية رومانية.
-          البركة الشرقية: تبين من الأحرف المحفورة على معظم أحجارها أنها نبطية من القرن الأول الميلادي. وهي خزان مربع للمياه.
-          الميدان: وهو عبارة عن بناء رومانيٌ مستطيل كان معداً لسباق الخيل .
-          بركة الحاج: أكبر من البركة الشرقية وأبعادها 122م عرضاً و155م طولاً, رُممت في العهد الأيوبي لسقاية قوافل الحجاج الذاهبة إلى مكة، ولتزويد خندق القلعة وآبارها بالمياه اللازمة.
-          باب المدينة: أو ما يسمى باب الهوى ويعود إلى القرن الثاني الميلادي.
-          السوق تحت الأرض: يؤرخ إلى القرن الثاني الميلادي, وكان يستخدم مخزناً للبضائع.
-          السوق الرئيسة: وهي سوق المدينة القديمة التي تُعرَض فيها صناعات المنطقة ومحاصيلها الزراعية،  ويبلغ طولها سبعين متراً وعرضها عشرين متراً، أما الغرف الجانبية الصغيرة داخل السوق فكانت مخصصة لبيع الأشياء الثمينة.
-          سرير بنت الملك: وهو معبد وثني أقيم لحفظ نذور الضباط وأوسمتهم، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث الميلادي، ويتألف البناء من عناصر معمارية تعود إلى بناء أقدم.
-          معبد الحوريات: من القرن الثاني الميلادي.
-          الباب النبطي.
ولم تكن مباني الفترة الإسلامية أقل أهمية وجمالاُ من سابقاتها ومن أبرزها:
-          قلعة بصرى : تحيط بالمدرج ويعود أقدم أجزائها إلى العصرين الأموي والعباسي بحسب رواية ابن عساكر, وقد تطور بناؤها على امتداد العصور الإسلامية اللاحقة, تم تحويل أحد أبراجها إلى متحف.
-          المتحف: يُقسم إلى جناحين رئيسيين, واحد للآثار المكتشفة في المدينة والآخر للتقاليد الشعبية, أُنشئ عام 1962م وافتُتِح عام 1975م, وقد كان هدف تأسيسه أن يجمع بمحتوياته آثار الإنسان والموقع الذي عاش ولايزال يعيش فيه, إضافة إلى حفظ تراث المنطقة وإظهار عاداتها وتقاليدها لتعريف الزوار بتاريخ هذا الشعب.
-          الجامع العمري (العروس) : يعود إلى بداية العهد الإسلامي زمن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب.
-          مسجد الخضر :هو مسجد إسلامي قديم يبدو أنه تهدم فأمر بتجديده كمشتكين الأتابكي في بداية القرن الثاني عشر الميلادي.
-          مسجد مبرك الناقة : يقع في الزاوية الشمالية الشرقية من بُصرى، ويعود تاريخ بنائه إلى بداية العهد الإسلامي, وقد أقيم في المكان الذي بركت فيه الناقة التي حملت أول نسخة من القرآن إلى بلاد الشام حيث حفظت فيه، وتخرج منه كبار علماء المسلمين.
-          المدرسة الدينية : بنيت إلى جانب جامع المبرك لتدريس المذهب الحنفي وافتتحت عام 1136م، لها أهمية خاصة في تاريخ العمارة الإسلامية, إذ تُعد أقدم مبنى أثري قائم في سوريا أنشئ ليكون مدرسة دينية.
-          مسجد فاطمة : عمارته من العصر الأيوبي في القرن الثالث عشر ميلادي, وتسميته نسبة إلى السيدة فاطمة بنت الرسول.
-          مدرسة الدباغة : تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من بركة الحاج، أنشئت بأمر صاحب بصرى الأيوبي, الملك الصالح اسماعيل.
-          مسجد ياقوت : شمال شرق بركة الحاج, يعود تاريخه على 1257م. بناه شهاب الدين يوسف بن ياقوت والي قلعة بصرى.
-          حمام منجك : كان آخر أثر إسلامي أنشئ في بصرى، وهو دليل واضح على استمرار أهمية المدينة حتى العصور المتأخرة، ومؤسسه منجك اليوسفي الذي وصل إلى مرتبة نائب السلطان المملوكي الأشرف شعبان 1373م.

وماتزال المعالم الرئيسية في بصرى على قيد الحياة, لكن نشأت فيها قرية حديثة وغادرت معظم الأسر إلى منازل جديدة خارج حرم المدينة القديمة, يمتاز البناء في بصرى بكونه من الحجر البازلتي الأسود بالمقام الأول, لكن يختلف أسلوب بنائها ما بين القديم والحديث، في عام 1996 بلغ عدد سكانها ما يعادل 21015 نسمة, حوالي 5000 منهم يسكنون في المدينة القديمة.
يعمل معظم سكانها بالزراعة التي تعد أهم مورد لهم، وهي بعلية بشكل أساسي, كما أن الفلاحين يعملون أيضاً بتربية المواشي و يعمل حوالي 1000 عامل في الصناعة المحلية وعدد آخر يمارسون الأعمال التجارية الصغيرة .
كما يعمل قسم كبير من سكان بصرى في دمشق العاصمة وفي دول الخليج العربي.
ولأهالي بصرى عادات وتقاليد حافظوا عليها لتكون دليلاً على أصالتهم,  فتراهم لازالوا يحتفلون بزواج شبابهم على صورة أعراس شعبية حيث يعبِّرون عن فرحهم برقصات وأهازيج مستمدة من التراث, ويستعينون بطباخ ويشترون الذبائح لإقامة ولائم الغداء للمدعوين, ومن أشهر مأكولاتهم "الأوزي" و "المليحي" والكبة وتسمى في درعا عموماً "كْبابْ". ومن أجمل ما يميِّز هذه الأعراس عادة "الحنة" للعروس, حيث تجتمع النسوة في بيت العروس قبل الزفاف بيوم,  وفي اليوم التالي تقوم العروس بكتابة عبارة قصيرة بالحنة على مدخل منزلها الجديد قبل دخولها إليه, مثل (اللهم صلّ على النبي, اللهم بارك لنا) أو ما شابه.
وكما يلتم الناس في الأفراح تراهم يلتمون في الأحزان, فعند موت أحدهم تقام خيم العزاء, ويقوم الجيران أو الأقارب بإحضار الفطور أو الغداء لأهل الميت لمدة ثلاثة أيام متتالية.
ومن عاداتهم المميزة أيضاً اجتماع الشيوخ وكبار السن لمعالجة المشاكل التي تطرأ بين الأهالي, حيث تُفتح المضافات التي لا تخلو من طقوس القهوة العربية.
وفي ضوء هذا المرور السريع على تاريخ وآثار هذه المدينة العريقة, نجد أنها حققت الكثير من المعايير العالمية لتختارها منظمة اليونسكو لتكون من بين المواقع التاريخية التي وُضعت على لائحة التراث العالمية, فهي تمثل إنجازاً  فنياً وجمالياً فريداً وتحفة من عبقرية الإنسان الخلاقة, وهي نتاج أحداث الحياة ومرتبطة بها وبأشخاص لهم أهمية تاريخية كبرى.


بقلم:  هلا زينو    
بصرى Reviewed by 0 on 3:04 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

All Rights Reserved by تجريب © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.